فصل: استيلاء الغورية على بلخ وفتنتهم مع الخطا بخراسان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.غزوة بناوس ومقتل ملك الهند ثم فتح بهنكر.

كان شهاب الدين ملك غزنة قد أمر مملوكه قطب الدين أيبك خليفته على دلهي أن يغزو بلاد الهند من ناحيته فسار فيها ودوخها وعاث في نواحيها وسمع ملك يناوس وهو أكبر ملوك الهند وولايته من تخوم الصين إلى بالد ملاوا طولا ومن البحر الأخضر إلى عشرة أيام من لهاور عرضا وأهل تلك البلاد من أيام السلطان محمود مقيمون على إسلامهم فاستنفر معه مسلمون كانوا في تلك البلاد فسار إلى شهاب الدين سنة تسعين وخمسمائة والتقوا على ماحون نهر كبير يقارب دجلة فاقتتلوا ونزل الصبر ثم نصر الله المسلمين واستلحم الهنود وقتل ملكهم وكثر السبي في جواريهم والأسرى من أبنائهم وغنموا منهم تسعين فيلا وهرب بقية الفيول وقتل بعضها ودخل شهاب الدين بلاد بناوس وحمل من خزائنها ألفا وأربعمائة حمل وعاد إلى غزنة ثم سار سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة إلى بلاد الهند وحاصر قلعة بهنكر حتى تسلمها على الأمان ورتب فيها الحامية وسار إلى قلعة كواكير وبينهما خمس مراحل يعترضها نهر كبير فحاصرها شهرا حتى صالحوه على مال يحملونه فحملوا إليه حمل فيل من الذهب فرحل عنهم إلى بلاد أبي رسود فأغار ونهب وسبى وأسر وعاد إلى غزنة ظافرا.

.استيلاء الغورية على بلخ وفتنتهم مع الخطا بخراسان.

كان الخطا قد غلبوا على مدينة بلخ وكان صاحبها تركيا اسمه ازبة يحمل إليهم الخراج كل سنة وراء النهر فتوفي أزبة سنة أربع وتسعين وخمسمائة وكان بهاء الدين سام بن محمد بن مسعود صاحب باميان من قبل خاله غياث الدين فسار إلى بلخ وقطع الحمل للخطا وخطب لغياث الدين وصارت من جملة بلاد الإسلام بعد أن كانت في طاعة الكفار فامتعض الخطا لذلك واعتزموا على فتنة الغورية واتفق أن علاء الدين تكش صاحب خوارزم بعث إليهم يغريهم ببلاد غياث الدين وكان سبب ذلك أنه ملك الري وهمذان وأصفهان وما بينهما وتعرض لعساكر الخليفة وطلب الخطبة والسلطنة ببغداد مكان ملوك السلجوقية فبعث الخليفة يشكوه إلى غياث الدين يقبح فعله وينهاه عن قصد العراق ويتهدده بسلطان شاه وأخذ بلاده فأنف من ذلك وبعث إلى الخطا يغريهم ببلاده فجهز ملك الخطا جيشا كثيفا مع مقدم عساكره وعبروا النهر إلى بلاد الغور وسار علاء الدين تكش إلى طوس لحصارها لأن غياث الدين عاجز عن الحركة بعلة النقرس فعاثوا في بلاده ما شاء الله وحاصر الخطا بهاء الدين فاشتدت الحرب وثبت المسلمون وجاء المدد من عند غياث الدين ثم حملوا جميعا على الخطا فهزموهم إلى جيحون وألقى الكثير منهم أنفسهم في الماء فهلك منهم نحو اثني عشر ألفا وعظم الأمر على ملك الخطا وبعث إلى علاء الدين تكش صاحب خوارزم يطوقه الذنب ويطالبه بدية القتلى من أصحابه وألزمه الحضور عنده فبعث علاء الدين تكش يشكو ذلك إلى غياث الدين فرد جوابه باللوم على عصيان الخليفة ودعا ذلك علاء الدين إلى الفتنة مع الخطا وانتزاعه بخارى من أيديهم كما يأتي في أخبارهم.

.استيلاء الغورية على ملك خوارزم شاه بخراسان.

ثم توفي علاء الدين تكش صاحب خوارزم وكان قد ملك بعض خراسان وبلاد الري والبلاد الجبالية فولي بعده ابنه قطب الدين ولقب علاء الدين بلقب أبيه وولي علاء الدين أخاه علي شاه خراسان وأقطعه نيسابور وكان هندوخان ابن أخيهما ملك شاه فخاف عمه فلحق بمرو وجمع الجموع وبعث إليه عمه محمد العسكر مع جنقر التركي فهرب هندوخان ولحق بغياث الدين مستنجدا به على عمه فأكرمه ووعده ودخل جنقر إلى مرو وحمل منها ولد خان وأمه مكرمين إلى خوارزم وأرسل غياث الدين إلى صاحب الطالقان محمد بن خربك بأن يتهدد جنقر فسار من الطالقان واستولى على مرو الروذ وبعث إلى جنقر يأمره بالخطبة بمرو لغياث الدين أو يفارقها فأساء الجواب ظاهرا واستأمن إلى غياث الدين سرا ولما علم غياث الدين بذلك قوي طمعه في البلاد وكتب إلى أخيه شهاب الدين بالمسير إلى خراسان فسار من غزنة في عساكره في منتصف سنة ست وتسعين وخمسمائة ولما انتهى إلى الطالقان استحثه جنقر صاحب مرو للبلد وأخبره بطاعته حتى إذا وصل إليه خرج في العساكر فقاتله وهزمه شهاب الدين وزحف بالفيلة إلى السور فاستأمن جنقر وخرج إليه وملك شهاب الدين مرو وبعث بالفتح إلى غياث الدين فجاء إلى مرو وبعث جنقر إلى هراة مكرما وسلم مرو إلى هندوخان ابن ملك شاه المستنجد به وأوصاه بالإحسان إلى أهلها وسار إلى سرخس فحاصرها ثلاثا وملكها على الأمان وأرسل إلى علي شاه نائب علاء الدين محمد بن يسابور وينذره الحرب إن امتنع من الطاعة فاستعد للحصار وخربوا العمائر بظاهرها وقطعوا الأشجار وحمل محمود بن غياث الدين فضايق البلد وملك جانبها ورفع راية أبيه على السور وحمل شهاب الدين من الناحية الأخرى فسقط السور بين يديه وملك البلد ونهب الجند عامتها ثم نادوا بالأمان ورفع النهب واعتصم الخوارزميون بالجامع فأخرجهم أهل البلد إلى غياث الدين ثم سار إلى قهستان فذكر له عن قرية في نواحها أن أهلها اسماعيلية فدخلها وقتل المقاتلة وسبى الذرية وخرب القرية ثم سار إلى مدينة أخرى ذكر له عنها مثل ذلك وأرسل صاحب قهستان إلى غياث الدين يستغيثون من شهاب الدين ويذكرونه العهد فأرسل غياث الدين إلى أخيه شهاب الدين بالرجوع عنهم طوعا أو كرها ووصل الرسول بذلك فامتنع فقطع طنب خيمته ورحل العسكر فرحل شهاب الدين كرها ورجع إلى غزنة.